عملتان بوجه واحد

سعد سرحان الجرّافة والقبر المقبرة التي أتحدّث عنها ليست كباقي المقابر. فالقبور فيها ليست مبنيَّة ومطليَّة بالجِير، ولا تعلو رؤوسَها شواهد. إنّها عبارة عن أكوام من التراب لا تلبث أن تستوي مع الأرض بفعل المطر، فإذا هي رُموس يكسوها القُرّاص. ومع ذلك فقد كانت ذات رهبة خاصة، لا تجهلها حتى الكلاب الضا


رمم قلبك

زهراء غريب أبلغ المعنى تجده في الصمت. لا تحاول تعريف ذاتك للمارة؛ الحياة ستتولى ذلك. هناك من سيراك ملاكا.. وهناك من سيلمح فيك ظلا للذئب. المحبة لن تقيك الأذى وسوء الظنون؛ التزم بغموضك وعزز حصونك؛ ليس الجميع جدير بوضوحك؛ وحدك من يملك زمام حقيقتك. ووحدك من يدرك الندوب التي أدمت طفلك الداخلي فأ


تخطيطات تونسية

لوران غاسبار تمتزج الكتابة لدى لوران غاسبار (1925 ــ 2019) بالحياة بالمعنى البيولوجي، كما يشبّه انبثاق النص بانبثاق الحياة. والنص، أو الكتابة تختلف لديه عن الأدب. فنحن نعيش منذ عقود لحظة خبوّ الأدب، وحلول مفهوم الكتابة محلّه. الكتابة التي تتغاير بشكل مطلق مع الأدب، وذلك من يوم بدأ تطهيرُ الإسطبل


عزف تحت ظل فرح....

مريم الشكيلية اليوم سوف أجرجر قلمي بمحاذاة ظل فرح يتمدد شيئاً فشيء بجانبي... سوف أحاول أن أتجاوز شيء من تلك المنعطفات الملتوية والمعتمة التي أدخلت فيها بكامل قواي الورقية.. أكتب عن تلك التفاصيل التي لم يقدر لنا أن نعيشها يوماً كتلك المقاعد الخشبية الواسعة تحت شجر البلوط، والإبحار في زورق صغير ي


حوانيت القيروان

منصف الوهايبي «وإنْ تقتنِصْني في الحوانيتِ تَصْطَدِ» طرفة إلى سعدي يوسف ذكرى القيروان القيروانُ الصيفَ.. (كلّ فصولها صيفٌ)..ولا ظلٌّ سوى أوْباشِ أشجارٍ على الطرقاتِ.. تفْقِسُ بيضَها.. للريح.. أنتَ الآنَ في أعوامكَ السبعينَ.. تَقْطعُها وحيدًا..في الغبارِ.. غبارِها.. متقلّبًا.. قلبً


حيدر حيدر… والرحيل الأخير

فواز خيو هكذا ينسل الكبار واحدا تلو آخر، يتركون أمكنتهم للفراغ بكل نهمه وعبثيته. أحيانا تنزلق المفردات منا بعفوية، ودون دراية، حين نقول عن مبدع إنه إنسان متمرد، لأنه لولا تمرده لما أبدع. الإنسان المتسالم مع الواقع، يجد نفسه منسجما ومندغما في المجتمع، ولا يجد ما يستفزه ويحرضه على الفعل الإبداعي،


شكسبير امرأة، وهرطقات أخرى

صبحي حديدي ليست جديدة مسائل التشكيك في الهوية الحقيقية للمسرحي والشاعر الإنكليزي الأشهر وليام شكسبير (1564-1616)، وما إذا كان بالفعل هو كاتب المسرحيات والسونيتات التي طبقت الآفاق والعصور واللغات والثقافات؛ أم أنّ سواه كتبها، ولأسباب شتى غاب المؤلف الحقيقي، أو المؤلفون ربما، وثبّت التاريخ (عبر سلط


خلق الديناصورات

سعد سرحان في حكاية من الأثر، أنّ امرأةً من أخمصِ القَوْم قصدت فرعون حاملةً عنزة نافقة، آملةً كلّ الأمل أن تعود بها حيّةً ترعى. ولمّا اقتربَت من قصره، لاح لها صدرُه الأعظم، هامان، قافِلاً من خلف سِدرة في الجوار، فتقدّمت منه في ذِلّة وتضرّعت إليه بصوت خفيض: ... - سأستبدلكِ بها واحدةً حيّة وأكثر لح


باراباس السوري

سمية الجندي المسرحية انتهت، لكن الوقوف على الجلجلة طال، والهاوية فتحت شدقيها. في يوم من الأيام تقرح قلب النظارة فأوقفوا العرض وغادروا الجحور كي يفقأوا دمامل القهر المزمن. أفواجهم تدفقت من كل المدن.. حاضرها وماضيها درعا، دمشق، حمص وبانياس، إيبلا وماري، وأوغاريت وتدمر. جحافلهم جاءت تقول نسيتموني


من يوميات العيادة

ثائر دوري أنانية بنظرات قلقة وكلمات ترميها سريعاً بدأت تروي شكايتها المرضية. وكالعادة سرعان ما دخلت في مسارب جانبية، فتحدثت عن آلام الظهر والعملية المرتقبة. نظرت إلى وجهها. سيدة ستينية متوسطة الطول بيضاء البشرة وهذا شكل شائع للنساء في مدينة حماة، تبدو أصغر قليلاً من عمرها 63 سنة المسجل في بطاقته


سوريا: كوابيس وطنية

إبراهيم الزيدي لم ينج أحد من الحرب، غير أولئك الذين يتنقّلون بين الامتيازات، أمّا الذين يدارون رجفة الذل في أياديهم الممدودة لاستلام السلة الغذائية التي تقطعت بها السبل، فإنهم يشكلون السواد الأعظم من السوريين. بالنسبة للطبقة الوسطى التي يتغنى بها المثقفون، والتي هي الحامل الموضوعي لتوازن أي دولة،


عدت بعد ثلاثين يوماً

مريم الشكيلية عدت بعد ثلاثين يوماً أجمع فتات حلم وكلمات.... عدت أقف على حافة الحرف الذي كان عصي على الكتابة.... كنت حينها أستظل بالشمس وعلى إستعداد لفصل الحرائق عندما كان البرد يمد ظله وتلك القطرات الممطرة تصفعنا على وجوهنا... بعد ثلاثين يوماً خرجت من صومعتي وفتحت نوافذ قلمي وبسطت أوراقي على ش


حواجز.. معجزة.. نكبة.. وبقاء

نسب أديب حسين أستمع لبرنامج «سين2» للإعلامي أحمد الشقيري عن تطوير الصناعات والعمل على إنتاج سيارة طائرة، أستمع وأمتد وأتقلص في مقعدي لأفحص أين صار دوري على الحاجز؟ هل سأطير يوما فوقه؟ تبقى عشر دقائق لبدء الندوة التي أقصدها في رام الله، وقد مرّت ساعة على انطلاقي من القدس في سبيل قطع 1


أحن إلى بطن أمي!

هايل علي المذابي كان هناك طفل صغير اسمه هايل لطالما حدثتني عنه أمي، تقول كانت له لثغة في لسانه وكان حاذقا جدا، وفي أيام انتشار وباء الكوليرا أصيب هذا الطفل ومات، لم يسلم بيت واحد في القرية من الكوليرا وكان موت طفل أو اثنين من كل بيت بمثابة قربان للكوليرا ليكف شره عن بقية أفراد الأسرة. مرت سنوات


اعْمُر

راضية تومي كان فتىً قوي البنية، أبيض البشرة، ذا شعر قمحيّ متموّج. كان قرّة عين والدتي، فهو ابنها الأكبر ومَعْقد أحلامها وسعادتها. كنّا نحبّه حبّاً عظيماً ونفخر بجماله وقوّته. ما حدث له كان قبل اندلاع ثورة التحرير بالجزائر. كنّا نعيش في دُوّار من الدواوير الصغيرة التي لا تُعَد ولا تحصى، المرمية ه


أيها اللاجئ، افتح الصناديق وأخرجِ الأسرار

باسم النبريص أن تطير مجّاناً، ذات صباح، من أي بلد عُرباني، لأوروبا الخضراء والشقراء، أمرٌ فوق العادة لا شكّ. لكَم حلمت به واقفاً وجالساً وتركت جثّته تحت الملاءات وعليها علامات الاكتئاب من عدم التحقّق. إلى بلد آخر، أي بلد آخر، ولو كان الدومينيكان. المهمّ الخروج من الجحيم، مرّة واحدة وللأبد. وهناك


سوريا وثقافة المهرجانات

إبراهيم الزيدي منذ عام 1984 لغاية عام 2011 وأنا أعمل بصفة مرشد ثقافي لدى مديرية الثقافة في الرقة. الرقة التي تفوقت في نشاطها الثقافي على كل المدن السورية. وللبيان أقول إن ذلك النشاط لم يكن للرقة كمدينة زراعية تحلم بالتنمية، كان لمديرية الثقافة، والقليل من روادها! إذ ليس كل من حضر تلك الفعاليات كا


السؤال

قاسم حداد عندما قال «أينشتين» بأهمية سؤال (لماذا؟) كان كمن يفتح الأفق أمام الشعر التالي لئلا يتوقف عن السؤال. من هذا الأفق، ومن هذا السؤال، سوف لن يكفّ الشاعر عن (لماذا؟). ٭ ٭ ٭ «إنها قوتك الوحيدة» يؤكد الشاعر أدونيس. ولعل الشاعر الجديد سيواصل مساءلة الواقع كلما كتب نص








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي