عطش

رياض بيدس كان المطر يتساقط مدرارا. حمل الشمسية وأراد الخروج من البيت، لكن زوجته التي كانت تعرف مدى عشقه للمطر سألته: «إلى أين؟! قال: بعض الأمتار من المشي لاستنشاق بعض الهواء النقي. غاب مدة ساعة ثم عاد وهو يشعر بسعادة ليس من الممكن أن يخفيها. سألته زوجته: كيف الشتاء؟ أجاب وهو يداري نظرات


«النأي في اتجاه الموانئ»

هاشم شفيق أذكر منذ بداياتي الأولى في مطلع السبعينيات، وانخراطي في الثقافة العراقية، كنت شغوفاً بمتابعة الشعر العالمي، وكان هذا الشغف يتم في تساوق تام مع متابعتي للشعر العراقي والعربي. إذن منذ تلك البدايات التأسيسية الأولى لتوجهي الثقافي عنيت بالآخر، ثقافة ورؤية وتطلعاً وفضولاً وشغفاً في اكتشاف


توفيق ناجي

نبيل ياسين هو رأى مثل هو الذي رأى. تعلق بثياب الآلهة لكي يحبها، ويلبسها الثياب التي خاطها لها. في السجن تعلم أن يفتح عينيه أكثر، وينشد تلك الأناشيد الجافة، التي تتساقط ممزقة بفعل الريح. كم من الأيام قضيتها وأنت تقرأ في رقم طينية، كم من الليالي قضيتها وأنت تبحث في تفاصيل ثياب الملوك السومري


أخبار الاحتلال

رضا نازه مذياعي شاهد زور يغير أقواله كل عشر سنين، مع أنه بقي عينَ ما كان عليه من قبل. مكعب بلاستيك حُشْوَتُه أسلاك ناطقة. أما أنا فهرمتُ مثل عساس الزقاق ولم أبرح، منذ وثقتُ به وأعرته سمعي، في انتظار خبر عن لحظة تاريخية لم تسعفها الجغرافية. لكن.. أخبارُه مجهولة المفاعيل مجنونة الفاعلين مُعتلة الأف


نعيٌ كاذب

غدير أبو سنينة ماذا تفعل كلُّ هذه النسوة هنا؟ لِمَ كلّ هذا الضجيج؟ لماذا توزَّع المصاحف في بيتنا؟ هل تحسبن أنفسكن في مأتمٍ؟ لماذا تتحدّث هذه السيّدة عن فضل الصبر؟ وتلك، تربطنا بها قرابةٌ بعيدة، تسمح لنفسها فجأة بالحديث عن "لباس المرأة الشرعي"، لِمَ تبدو بنات عمي مجبرات على الإنصات؟ هاك جارتنا ال


نحن مهزومون حتى في الأحلام

جوان حمي زلزل يزلزل فهو مزلزِل ومزلزَل.. وإنسان زل أي انحرف عن طريق الصواب، وأي صواب بقي للسوريين.. إذ نالتْ من صوابهم خمسون عجفاء بعثية تلتها عشر عجاف ثورية، صوابهم الأوحد بات في موتهم؛ دفنوا في البحار، في القفار، وفي الثلوج. لقد قضمت أرواحهم وأجسادهم حيتان الحرب قبل حيتان البحار. لم يقتلهم الزل


الخندق

قاسم حداد آه.. هذه هي الكتابة إذن، الخندق الأخير قبل القبر، ما إن يفرغ الجميع من أشغالهم، حتى يلتفت الكاتب إلى الشيء المنسي، المـُغفل، المسكوت عليه، المسكوت عنه. الشيء الأخير، بعد أن يفرغ الجميع من أشغالهم: القتيل من موته القاتل من ضميره الحرب من طهاتها الجندي من عبئه الصديق من غدره ال


لن أرسم بعد اليوم

إبراهيم الزيدي قبل أن تنبت الأهداب في عيون المسافة، وأسلّم أذنيّ لوكالات الأنباء، وعينيّ لتلك المذيعة المثقلة بأناقتها، وهي تجوس مواطن وجعي، خبراً.. خبراً، سأرسم على دفتر الشوق طريقاً، لعلّ امرأةً تعبرني عليه، امرأة تودع في حصالة انتظاري ثلاث قبلات، قبل أن تستعيدني من سلة مهملات الوطن، وتثرثرني ع


الذُّبابة

هشام البستاني هُم ثلاثة، يجلسون في كنبة واسعة وثيرة أمام التلفاز، يتفرّجون على المذبحة وهي تفتك بغزّة ببثّ حيّ. في الهواء الثقيل المحيط بهم تطير ذبابةٌ بعشوائيّة، ترقبهم والصور المتحرّكة أمامهم بعينيها المركّبتين من آلاف العُيَيْنات، تهمّ بأن تحطّ على رأس أحدهم ثمّ تغيّر رأيها متّجهة نحو الشبّاك


مجتمع السوشال ميديا: لايكات!

همدان دماج أراقبهم منذ سنوات، وأسخر منهم، وأضحك عليهم، على سخافاتهم، وتوهماتهم، وتلك المنشورات الغبية، أو نصف الغبية، التي يكتبونها على صفحاتهم، وذلك الإصرار على إظهار «الأنا» بأشكال بعضها قميء ويدعو للاشمئزاز. أراقبهم، وأهزأ لاهتمامهم المبالغ فيه، وهم يتابعون عدد اللايكات التي تحصده


تجريد المعاني.. الفن العظيم والغائب في المسرح العربي!!

هايل علي المذابي بقدر ما أتابع العروض المسرحية بقدر ما أتابع أيضاً أفلاماً سينمائية ومسلسلات تلفزيونية منها القديم ومنها الجديد. وما يدهشني هو قدرات بعض المخرجين على التجريد. تجريد معاني النص إلى إشارات وعلامات وألوان أحيانا وأفعال وسلوكيات وزوايا وتقنيات تصوير وإضاءة. لكنها رغم ذلك تستخدم بترشيد


بنطالٌ عسليّ وقميصٌ أسود

حيدر المحسن عندما تضمّ خزينة السلطان قلادة ماسٍ، تصير تحفة تمرّ عبر العصور، وتزداد نفاسة وقيمة وجوهر، وعبرتْ حفيدةُ السلطان سليمان القانوني قرون الزمان، وصارت حبيبتي، ولديها من جدّتها السابعة السلطانة «هُرُم» كلّ شيء، في الصوت والصورة والقلب، ولم تأخذ من جدّها الأبعد، السلطان العثماني


فقط لا تنسَ!!

بوعلام دخيسي فقط لا تنسَ! واكتبْ في الوصية للذين سيكبرونَ بأن أكبرَ من سنين العمر هذا النورُ في أقصى الجراحات الكثيرةِ، واقتطِعْ مِن كل حزنٍ لحظةً حتى تُذكّرَه بما فعلوا وما لم يفعلِ الأهلُ الذين تَنكّروا.. أو أُجبِروا.. لا تنس أن تروِي الحكاية كلَّها، مِن أول العهد الذي نقضوا إلى أنْ قيّضوا للغ


القدس في زمن الحرب والميلاد

نسب أديب حسين زقزقة العصافير المختبئة في ثنايا أغصان الأشجار مع النسائم العليلة، تنعش روحي الراقدة تحت الدمار ورائحة الموت المنبعثة من الجنوب. أصغي وأسير بالسرعة التي أقدر عليها لأستطلع المتاح والظاهر من البيوت من خلف تشابك أغصان النباتات المتسلقة والأشجار، أتبيّن ما فاتني من جماليات البناء، وألت


من هو الإنسان؟

عزيز الحدادي بهذا السؤال نكون قد أفرغنا كينونة الإنسان من حميمية الوجود، وحكمنا عليه بالسير في ليل العدم المقدس، الذي يناديه عندما فقد نعمة السكن في اللغة، والإقامة في حميمية الفكر، وأدار ظهره للفن، وبما أنه لم يعد يسمع نداء الحقيقة ولا الوجود فإنه أصبح ضحية العدم. فهل في إمكانه أن يطلب المستحيل


بضعة شجون عن الحدبة

باسم النبريص لا شيءَ يدوم إلى الأبد سوى ذاكرة الفلسطينيّ. الذاكرة، حدبةُ الفلسطينيّ يحملُها على ظهره أينما كان. وهي حدبةٌ لا مكان لإحداثيّات جميلة في سينوغرافيّتها، حتى لو هو تمنّى ذلك. لا يُوجد في العالَم فلسطينيٌّ مُعافىً من داء الذاكرة، لا تماماً ولا حتى لُماماً. الفلسطينيُّ يحيا بين الناس، م


ملاحقة «حماس»… حجة لم تعد مقبولة

قاسم حداد الخراب في كل مكان فلسطيني، وعلى العرب أن يتوقعوا ذلك في بلدانهم، المطبعون خصوصاً، فليس للجشع الإسرائيلي، الذي من الجحيم، حدود. إنه (صحراء تزدرد الفصول) والأصول بلا هوادة. ٭ ٭ ٭ كنا على الفطور، وكانت امرأة تقول عن أطفالها: (ينامون جوعى ويستيقظون جوعى) فيما نحن نأكل ما نريد. مَنْ يحتمل


الكلمة خلقت العالم

وفاء وسوف أقف أمام مكتبتي الزاخرة بكتب أعدتُ قراءتها مرات ومرات، أعطي ظهري لتلفزيون أصبح وجوده كالعبء في منزل السوريين، إذ لا فائدة ولا فرجة، سحبتُ كتابا من مكتبتي، وعدت لأتربع مع عائلتي الصغيرة أمام شاشة الموبايل الصغيرة لنرى ما رأت الشعوب قبلنا بأيام، أو لنقل رأتنا قبل أن نرى أنفسنا. تضج وسائل








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي