إطلاق رصاصة في حفل موسيقيّ

فوّاز حداد ثمّة ملاحظة للروائي الفرنسي ستاندال، صاحب "الأحمر والأسود"، سنستشهد بها في معرض علاقة السياسة بالأدب، يقول فيها: "السياسة في عمل أدبي مثل طلقة المُسدَّس وسط حفل موسيقي، عالية الصوت وسُوقِيّة إلى حدٍّ ما، لكنّها شيءٌ غير مُمكِنٍ رفضُه لجذب الانتباه". كما يبدو، يُفضِّل الكثير من الأدباء


أصدقائي الذين مضوا

باسم النبريص أصدقائي الذين مضوا... أحياناً على وجه الفجر، يوقظونني من النوم، وأكون توّاً، حلُمت بهم. أستيقظ: أحاول تذكُّر نتفٍ من الحلم، فتعبرني وجوهُهم سريعةً، دون أسماء. أحيرُ وأستغرب... كيف نسيتُهم وقد كانوا ملء البصر والخَافق، رفاق مسيرة الأدب البازغ بعد حرب حزيران، وزملاء معتقلات العدوّ،


محاولات...

مريم الشكيلية منذ يومين وأنا أحاول أن أخرج من فوة قلمي حرفاً تلوى الآخر لأصنع عقد نص يطوق عنق الورق الأبيض.. إنني أتحايل على أبجديتي أن تطل من نافذة الحبر إلى حقول الأسطر الفارغة لعلها تخرجني معها إلى ضجيج العالم من جديد.. لقد وعدتك أن تكون أحرفي متوشحة اللون الزهري، وأن تكون مفرداتي كلها ربيعي


ضد مجهول

جميلة عمايرة بعد تردد طويل وخجول، أقفل الشتاء بابه الواسع، وحسم الأمر لصالح الربيع. أطل بوجهه الأخضر المشرق، بأزهاره ووروده، بنباتاته المتفتحة بمختلف الألوان والروائح، بفراشاته الملونة، بدت الأرض بساطا أخضر لا يحده النظر. أعدت المرأة حديقة بيتها باكرا، لتكون في أجمل حلة خضراء، بعد أن استعانت بعام


ميلان كونديرا.. رواية الذين فقدوا أوطانهم وماضيهم

عمر أبو سمرة أذكر جيّدًا شعوري بالغرابة الشديدة والإرهاق عندما قرأت رواية ميلان كونديرا "كائن لا تُحتَمل خفّته" للمرّة الأُولى، وكنتُ لم أتجاوز السابعة عشرة. كنتُ في حالة إنكار ذاتي. لم أفهم الكتاب جيّدًا وقتَها، وكان من الصعب إدراك تفاصيله الصغيرة والدقيقة. لقد استهجنتُ محتواه، لكنّه بقي عالقًا


الوحوش في السودان

 قاسم حداد نيتشة يحذر الواقفين وراء الوحوش من التحول إلى وحوش هم أيضاً. ٭ ٭ ٭ ما يحدث في السودان، نموذج صارخ لما يفعله الحاكم العربي في شعبه، بلا هوادة. فالصراع على السلطة الذي يؤديه المتحاربون هناك، يوضح ببشاعة أن الذين وعدوا الناس بالتخلص من الحكم السابق، إنما هم يرثونه في الطبيعة والحلم


قولٌ في التخفّي ومفاتيح الحوار المفقودة!

عُلا شيب الدين ليست وجوهنا مجرد عيون تعلوها حواجب، ولا أنوف، أفواه، جبهات، وذقون.. بل هي أبعد من ذلك بكثير، حتى إني أكاد أجزم، أنها ـ في معنى ما ـ أحد هوياتنا.. هويات تخفي الكثير بقدر ما تكشف الكثير. قد تكون عيوننا متشابهة في اللون، أو في الشكل اللوزي، وطبيعي أن تكون لنا جميعاً عينان مكونتان من ا


لعنة الباب!

أسامة الأشقر في حياة الاعتقال الطويلة تشكّل أبواب السجون المعادلة الأصعب والأحجية الأكثر تعقيدا، فالباب بالنسبة للأسير يمثل أحد أكثر التحديات جسامة وإرهاقا. منذ وصولنا لسجن نفحة الصحراوي في الجنوب الفلسطيني المحتل، شكّلت لنا أبواب هذا السجن كابوسا دائما ولم ينته. كان دخولنا لأحد الأقسام المعزولة


نزار قباني ورثاء أمي

غادة السمان بحكم الصداقة العائلية كان نزار قباني يعرف أمي (لم أكن أعرفها يومئذ، فقد توفيت في الثلاثين من العمر)، وهذه مقاطع من قصيدة لنزار قباني في رثائها يومئذ في حفلها التأبيني، وهي غير منشورة في كتبي أو كتبه. بعد عينيك مات حلو رنيني والغنوج الممراح من تلحيني إيه سمرائي الشهيدة، لم أخلفت وع


اخطبوط المفاهيم المضللة!

سهى الصوفي في الأوطان المغلوب على أمرها، تترسخ المفاهيم بطريقة منهجية تخدم مصالح السلطة وتزج العقول في قارورة بحجم حبة قمح. الشعوب في أرض الخراب مجهزة لتصديق ما يروى والتوقيع على النص المكتوب دون مراجعة. المفاهيم في يد صاحب المزرعة تتحول إلى حقن، يعرف بالمكان والزمان بأي وريد يوخزها، لم يخطئ يوما


مواطنو هذا الغم

باسم النبريص هل الانفصال عن الأمل في السياسة، واجبُ المثقف اليوم؟ لِمَ الأدباء، بالعموم، كلّما نظروا للسياسيين وأفعالهم، في هذه الجغرافيا التعِسة، أشاحوا بصرهم لجهة أخرى، فوراً؟ هل خيال الأدب منجاة لهم من الواقع؟ وهل الأدب، مهما يكن، أرحم الملاذات، اليوم، في طول الجغرافيا تلك وعرضها؟ ولِمَ لا نق


سعدي يوسف: امضِ بعيدا إلى النهر

ملاك أشرف كتبتُ ما لَمْ أكتبهُ سابقا قبلَ حلول تموز/ يوليو خشية من أيامهِ القاسية، المُترعة بالجفافِ والجفاء وتلكَ النسمات الثقيلة التي تحاوطنا لِتتركنا في سجن اللحظةِ الصارخة المُفترسة، ولا أغفل عن اِضمحلال الحقيقة وتسربها من بين حروفي ونسيج تركيباتي، فأنا طريدةُ التلاشي غير النهائي، طريدة الماض


الأرض وعرة والحبال زلقة

يزن التميمي كلّ يوم أكاد أكتب أنّي خسرتُك، ضيّعتُك من يدي، بلغةِ من فقد آخِر البشر، وعرف أوّل النشأة. لكنّك في نهاية الأمر، كنت ككلّ شيء من حولي، حتى لأتخيّلك انعكاساً لشيء داخلي، صورةً لبواطني المتكدّرة، إذ أتممتِ أخيراً رحلتك نحو الضياع والتبدّد في العدم. لقطة من الجنّة معلّقةٌ على جبهتي، أطا


لماذا اسمها فاطمة؟

راضية تومي كان وقعُ اسمها على مسامعي مُلفِتاً: فاطمة. سَألتْها المرأة التي كانت ترافقها: ."?Fatima, que veux-tu boire" (فاطمة، ماذا تودّين أن تشربي؟). كنتُ أجلس إلى طاولة قريبة من الطاولة التي جلست إليها فاطمة. أمّا رفيقتها فقد كانت تقف عند البار الذي توجّهتْ إليه فور دخولهما إلى البيسترو. أخذت


بروليتاريا الثقافة العربية

خليل النعيمي لم أكن أتصوّر أنني سأرى ذات يوم هذا المصير القاتم الذي وصلت إليه الثقافة العربية المعاصرة، حيث «صُنّاعها» لا يتوقفون عن بيض الكتب التي لا تضيف، في أغلبها، شيئاً على المألوف والمعروف. لكأن «مفهوم الكتابة» المجرّد، صار بالنسبة إليهم بديلاً عن «الحياة»


بعنوان امرأة المطر

مريم الشكيلية صدقني لم أكن يوماً أنثى عبثية، أو طائشة حين أخذت هاتفي وأرسلت لك المطر عبر الأسلاك المتهالكة. أردت أن تستمع معي وأنت في الجانب الآخر من هذا العالم إلى ما تسميه أنت بعزف القطرات على زجاج النوافذ. أردتك أن تستمع معي إلى صوت السماء وهي تخرج من رحمها فصل البكاء. كنت تقول لي دائماً: إن


التحولات

قاسم حداد حاول أن يعيد قراءة ما كتبه، فاتخذ وضعاً ملائماً. مَطَّ رقبته، ثم رسم في فمه فتحة بحجم الحرف الأول. وبحث في حلقه عن لسانه.. (في المستقبل حين يجد مرآة في الطريق سيكتشف أن اللغات لا تنطق باللسان). اتكأ على شيء بجانبه، متذكراً كل محاولاته السابقة في التأليف، ثم تسلح بقوة ثقافته ووضع أصابعه


يا لجرأة ثورك يا نقّاش!

عاشور الطويبي في الحُلم أو ذاك الذي يُشبه الحلم، رأيتُ حوتاً هائلاً يسبح في الفضاء، على زعانفه تلالٌ خضراء وصفراء وزرقاء تميل ذات اليمين وذات الشمال، ورأيتُ وراءه دجاجاتٍ بِيضاً وفراريجَ سُوداً يرقصون في دائرة من لهب. في الحُلم أو ذاك الذي يُشبه الحلم، رأيتُ بحراً فوقه جسرٌ من ذهب وجسر من








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي