المصيدة

عبد المجيد زراقط فلاح الطَّاهر: كنَّا مجموعةً من الطلاب الفلسطينيين، نتعلَّم في « ثانوية الضياء المسائية الخاصة» الواقعة قرب مخيمنا. لم نكن ندفع أقساطاً، كانت قياداتنا تأخذ منحاً من إدارة الثانوية، فتعطيها لنا. كنَّا مسلَّحين، والدنيا حرب، لا نكترث لا بناظرٍ، ولا بمعلِّم، لذلك عندما


كانّي في «أوتلّو عائدا»

منصف الوهايبي Hotel al sole في البُنْدُقيّةِ.. لم أجدْ أحدا سواهُ.. في انتظاري.. واقفًا بالباب.. قلتُ «عُطَيْلُ»؟ أيْنَ لقيتهُ من قبلُ؟ أيْنَ؟ ولم أزُرْ هذي المدينةَ قطّ.. بَلْ هو نَفْسُهُ.. هذا بريقُ المغربِ الجبليِّ في عَيْنيْهِ.. بل سَحْناؤهُ.. هذا البياضُ بَياضُهُ.. هذا السوادُ


خارج النص

حسن عبد القادر الكلمة الأخيرة كانت تشبه وداع الأعشى لهريرة. لم يكن يدور في داخلي عندما التقينا في المرة الأولى أن يصل سرب حمام نزار للصين وينقطع عني أثره، كنتِ حينها صغيرةٌ، على أقل تقدير في نظري، لا تدركين أن يخترق نغم صوتك كل شيء حتى تلك اللواتي خططن أسماءهن في داخلي قبلك. هنا في الشمال السوري


سامي الذيبي.. الغائب الوحيد عن ليلتنا

نشمي مهنا بيانٌ شخصي عن سَجْن الشاعر التونسي سامي الذيبي النظام في تونس مُستمرٌّ في تهوُّراته، وأتمنى أن يتهوَّر أكثر وأكثر، لكي ينكشف للأكثر وللأبعد، ويُحرج النظام الدولي المُراوغ، والمُنتفع، من هكذا أنظمة. لكن أن يُسجَن شاعر مثل سامي الذيبي، لتدوينة ضدّ وزيرة الثقافة، هُنا طفح الكيل. كُنّا عل


حقيبة الجِلد

ساري موسى بدأ كلُّ شيءٍ بمزحة. عندما رأيتُ فوضى الناس المتزاحمين في الشارع، تذكّرتُ أنّني سمعت ضجيجهم بينما كنتُ أقرأ، من دون أن يتمكّن من إخراجي من جوّ الرواية، على الرغم من ارتفاعه. كان هناك تلاميذ بحقائب مدرسية، نساءٌ عائداتٌ إلى بيوتهنّ بأكياسٍ ملأى بالحاجيات، صبيُّ مصبغة يحمل قميصاً رجاليا


خطى في الضباب

ذكرى لعيبي نغمضُ أعيننا رغمَ معرفتِنا بالحقيقةِ المحن التي يمرّ بها البشر كثيرة، وتزداد كلما تقدّم بنا العمر، قد تتفاوت عظمة المحنة بين شخص وآخر، لكنّها في النهاية تصبّ في مجرى الحزن. المحن ليست بحاجة إلى معجزات، وليست بحاجة إلى كرامات من أولياء طلقّوا الدنيا، المحن بحاجة إلى صبر، وقلب يسع الكو


ذكِّري اسمي أنّه لي

يزن التميمي لا يرقص أحدٌ اليوم في العتمة، أنتَ على بال الكل، وهم على بالك، لكن لا أحدَ يكترث حقّاً بك. لم يبقَ منكَ ولكَ إلّا الصورة، وللفكر ذاكرةُ البعوضِ ورنَّة صوته. خلفَ ظهره أخفى الله سبعةَ أكفٍّ لا يحمل فيها شيئاً لأحد. ■ ■ ■ ظننتُ مرّةً أنّي سأموت، ونسيتُ أنّي أعرف ذلك. الشكُ أشدُّ الأشي


رسائل من نافذة القطار…

مريم الشكيلية لم يكن لديّ الوقت لأن أفتح نوافذ عربة القطار من شدة الازدحام حولي.. لم أتمكن حتى من توديعك بتلويح يدي من النافذة.. ولكن كان كل جزء مني يودعك حتى تلك العبارات التي علقت فوق صدر كتاباتي كانت الآن وفي هذه اللحظة تتحرر من أسطري وتتطاير في الهواء كطائر حر.. هذه اللحظة ملايين الكلمات تهطل


الغابة أبواب

قاسم حداد 1- فتحت باب الغابة. ليس للغابة باب، لكنني تخيلتُه. باب افتراضي. فتحته ودلفتُ. استقبلتني هناك أشجارٌ كثيرةٌ وماء. ثمة حيوانات تشتهي بشراً يداعبونها. توقفت عند أول غصن أسأله عن الطقس. متلهفاً كان الغصنُ بأوراقه باهية الخضرة، مبتهجة بالبشر الذين تمثلتهم، بكى قليلاً وقال لي: الطقس هنا عكس


هل تراني؟ إنّي ألوّح لك الآن

حسن أكرم فكّرتُ مرّات ومرّات بأن أتجاوز الكتابة عنه، قلتُ في نفسي لا أريد أن أُتاجِر بحُزني عليه، ولمرّات عديدة ادّعيتُ بيني ونفسي أنني تجاوزتُ أمره، لكن إلى ماذا انتهيت؟ أُعاني من قلّة نوم، وأجلس سهراناً لأكتبَ عنه. بدأتِ الحكاية عندما توقّفت سيارة أُخت زوجتي في وسط طريق عام، تنبّهنا لذلك عبر "


أَخَرَجتَ عن صمتكَ، أمْ خرجَ صمتُك عليك؟

سليم بركات حين تستيقظُ صباحاً أيقِظِ الصباحَ معكَ. لم يحْظَ النائمُ بحاجته من القتل في حلمهِ: أيقِظوه، واسندوا إليه مَهامَّكم. ما الفتحُ الأعظمُ إن لم يكن تهشيمَ بوابات المدنِ قرْعاً بالرؤوس؟ الجلوسُ قربَ النار ليس جلوساً قرب معنى النار. الحياةُ حيلةٌ، والهذيانُ مَخْرجٌ عقلانيٌّ. بياضٌ مِن س


«أصيلة» الأصيلة

قاسم حداد في مدينة أصيلة المغربية، التي بدأت قرية مجهولة في أطراف المغرب، تمنح مثقفي وفناني العالم الفسحة التي يحتاجونها للعمل، ولا يجدونها غالباً في بلدانهم، لكي يمارسوا حريتهم في القول الفكري والإنتاج الفني، تيسر لي أن ألتقي لفيفاً من الأصدقاء، بعد غيابات كثيرة، وصحَّ لي اكتساب الصداقات النوعية


التبرؤ من الجمال

عوض بريوم أصبح أمرا مألوفا الآن أن يجد المتلقي العادي نفسه، في أي مكان في العالم، حائرا ومستغربا، بل أيضا منزعجا، وهو يقف أمام كم هائل من الأعمال الفنية المعاصرة التي تنأى بنفسها عمّا يمكننا أن نصفه بالجميل. ولربما توقف لبرهة متسائلا: ما هذا؟ ثم لا يلبث أن يمضي الى حال سبيله لأن الأمر ليس على قدر


عصي على النسيان

نسب أديب حسين قلّب الكتاب بين يديه، نظر إليّ مبتسما وسألني: «أنا حقا مستغرب لماذا احتجت كلّ هذه السنوات كي تأتي عندنا؟ موقع بيتنا معروف، في الخارج حجر شاهد يشير إلى الموقع الذي جلس فيه محمد واختطفوه منه، كان ذلك في رمضان، جلس في مدخل البيت ليمضي لصلاة الفجر في المسجد القريب مقابل البيت&raqu


التضايُف بوصفه منطقاً وحياة مَعيشة

عُلا شيب الدين في علم المنطق، ثمة مصطلح يُسمَّى «التَّضايُفُ»، يقول هذا المصطلح: لكي يُفهَمَ حدٌّ أو طرف؛ يجب أن يكون هناك طرف آخر أو حد آخر في قُبالته، يرتبط به ارتباطاً وجودياً، ولا يُفهَم، بشكل أو بآخر، إلا من خلاله. يصعب ـ مثلاً ـ تصوّر وجود معلِّم من غير تلميذ أو طالب، والعكس صحي


ليس للكتابة من يكاتبها

قاسم حداد الأمل في الأبجدية التي يصوغها الكاتب، فكل من يصوغ نصوصه من كلمات سوف يستخدم حروف الأبجدية، كمن يبدأ للمرة الأولى. هنا يكمن الأمل متمثلاً في شكل جديد ومختلف وخاص من الكتابة. هنا نص جديد يتوجب الانتباه له، باعتباره صنيعاً لا يشبه أحداً قبله، وبطبيعة الحال لا يقبل التقليد بلا فضيحة. ٭ ٭ ٭


عليه أن يَعبَّ ما استطاعَ منها

إبراهيم الحسين تقليمُ الشهقة لا تُؤخَذْ ولا تَنْذهِلْ، لا تُكلِّفْ عَينيكَ بما ليس في وُسْعِهما، لا تُكرِهْ كفّيكَ على الوقوفِ فوقَ رأسِكَ، قَلِّم الشَّهقةَ كي لا تجرحَ حُنجرَتكَ وتُؤذيكَ، فالفراشاتُ التي تقفُ الآنَ ساكنةً بِأجنحتِها المُلوّنةِ والمُبهجةِ على الورقةِ، تَربَّتْ فيكَ مُنذُ زمنٍ وت


رائحة الخبز أقوى

ثائر دوري حوالي السادسة والنصف صباحاً ذهبت برفقة ابني، الذي لم يكمل السادسة بعد، لإحضار الخبز. مشينا على مهل، على إيقاع خطواته، في الطريق القصير الموصل إلى مكان لجنة الحي، حيث يتم توزيع الخبز كل صباح. في الطريق شاهدنا أطفالاً عائدين حاملين الخبز فوق رؤوسهم. أشرت لأحدهم وقلت لورد: انظر هو بعمرك بع








كاريكاتير

إستطلاعات الرأي